مقدمة
في زحام الحياة وضجيجها، كثيرًا ما يغفل الإنسان عن حقيقة عظيمة: أن هناك من يراه ويسمعه في كل حين، في خلْوته وجلْوته.
إنه الله سبحانه وتعالى… القريب الذي لا يغيب، واللطيف الذي يعلم خفايا القلوب.
يراك حين تنطفئ الأنوار وتغفو العيون، ويسمع نبضك حين يثقل صدرك بالهموم، ويعلم ما تُخفيه نفسك قبل أن تنطق به شفتاك.
فطوبى لمن عاش وهو يستشعر نظر الله إليه، فلا ينجرف إلى المعاصي والشهوات بل يمنع نفسه خوفا من الله وحبا فيه.
حين تخلو بنفسك
قد تظن أن لا أحد يراك حين تغلق باب غرفتك، أو حين تمسك هاتفك، أو حين تمر بلحظة ضعفٍ خفيّة…
لكن الله تعالى يقول:
"يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ"
(سورة غافر: 19)
تأمل هذه الآية… الله يعلم حتى نظرة العين الخائنة التي لا يراها أحد، فكيف بما هو أعظم من ذلك؟
المراقبة طريق الطمأنينة
حين يستشعر القلب مراقبة الله له، لا يعيش في خوف، بل في طمأنينة.
فهو لا يخاف من الناس، بل يرجو رضا ربه.
قال رسول الله ﷺ:
"اتقِ الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن."
(رواه الترمذي)
إنها وصية تجمع الدين كله: مراقبة الله، وإصلاح النفس، وحسن الخلق.
المؤمن الحقيقي
المؤمن ليس ذاك الذي يُحسن فقط أمام الناس، بل هو من يحسن في الخفاء كما يُحسن في العلن.
هو من يترك الذنب لا خوفًا من نظرات البشر، بل حياءً من الله الذي يراه.
ولهذا قال أحد الصالحين:
"اجعل الله أحبَّ من تراه في خلواتك، وأعظم من تخشاه في سرّك."
وقفة صادقة مع النفس
في كل يوم، خذ لحظة وقل لنفسك:
هل لو نظر الله إليّ الآن، يرضى عني؟
هذه اللحظة الصغيرة من الصدق قد تغيّر حياتك كلها.
فما أروع أن يعيش الإنسان بقلبٍ يهمس لنفسه دائمًا:
"اللهم اجعلني حيث تحب أن تراني."
الخلاصة
الموعظة ليست كلمات تُقال، بل شعور يُزرع في القلب:
أن الله معك، يراك، يسمعك، ويريد لك الخير.
فاحفظه في قلبك، يحفظك في دنياك وآخرتك.












