الخميس، 30 أكتوبر 2025

لا تنسَ أن الله يراك

مقدمة

في زحام الحياة وضجيجها، كثيرًا ما يغفل الإنسان عن حقيقة عظيمة: أن هناك من يراه ويسمعه في كل حين، في خلْوته وجلْوته.

إنه الله سبحانه وتعالى… القريب الذي لا يغيب، واللطيف الذي يعلم خفايا القلوب.

يراك حين تنطفئ الأنوار وتغفو العيون، ويسمع نبضك حين يثقل صدرك بالهموم، ويعلم ما تُخفيه نفسك قبل أن تنطق به شفتاك.

فطوبى لمن عاش وهو يستشعر نظر الله إليه، فلا ينجرف إلى المعاصي والشهوات بل يمنع نفسه خوفا من الله وحبا فيه.



حين تخلو بنفسك

قد تظن أن لا أحد يراك حين تغلق باب غرفتك، أو حين تمسك هاتفك، أو حين تمر بلحظة ضعفٍ خفيّة…

لكن الله تعالى يقول:

"يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ"

(سورة غافر: 19)

تأمل هذه الآية… الله يعلم حتى نظرة العين الخائنة التي لا يراها أحد، فكيف بما هو أعظم من ذلك؟

المراقبة طريق الطمأنينة

حين يستشعر القلب مراقبة الله له، لا يعيش في خوف، بل في طمأنينة.

فهو لا يخاف من الناس، بل يرجو رضا ربه.

قال رسول الله ﷺ:

"اتقِ الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن."

(رواه الترمذي)

إنها وصية تجمع الدين كله: مراقبة الله، وإصلاح النفس، وحسن الخلق.

المؤمن الحقيقي

المؤمن ليس ذاك الذي يُحسن فقط أمام الناس، بل هو من يحسن في الخفاء كما يُحسن في العلن.

هو من يترك الذنب لا خوفًا من نظرات البشر، بل حياءً من الله الذي يراه.

ولهذا قال أحد الصالحين:

"اجعل الله أحبَّ من تراه في خلواتك، وأعظم من تخشاه في سرّك."

وقفة صادقة مع النفس

في كل يوم، خذ لحظة وقل لنفسك:

هل لو نظر الله إليّ الآن، يرضى عني؟

هذه اللحظة الصغيرة من الصدق قد تغيّر حياتك كلها.

فما أروع أن يعيش الإنسان بقلبٍ يهمس لنفسه دائمًا:

"اللهم اجعلني حيث تحب أن تراني."

الخلاصة

الموعظة ليست كلمات تُقال، بل شعور يُزرع في القلب:

أن الله معك، يراك، يسمعك، ويريد لك الخير.

فاحفظه في قلبك، يحفظك في دنياك وآخرتك.


الخميس، 16 أكتوبر 2025

نعمة الصحة والعافية في ضوء القرآن والسنة

مقدمة

من أعظم النِّعَم التي يغفل عنها كثير من الناس نعمة الصحة والعافية.

فهي تاجٌ على رؤوس الأصحّاء لا يراه إلا المرضى، ومن فقدها أدرك حينها كم كان في عافية وهو لا يشعر.

إنها النعمة التي لا تُشترى بمال، ولا يُعوَّض فقدها بكنوز الأرض، وقد أولى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هذه النعمة منزلة عظيمة ودعوة دائمة إلى شكرها وحفظها.



 أولاً: الصحة في ضوء القرآن الكريم

جاء في كتاب الله آياتٌ كثيرة تُذكّر الإنسان بفضل العافية وضرورة شكر الله عليها، ومن ذلك قوله تعالى:

"وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ" (الشعراء: 80)

هذه الآية تُظهر أن الشفاء بيد الله وحده، وأن الصحة هبة ربانية لا يملكها سواه.

ويقول سبحانه أيضًا:

"وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (النحل: 78)

فالآية تذكّرنا أن ما نملكه من حواس وعافية إنما هو فضل من الله يستوجب الحمد والشكر.

ومن مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ النفس، وهو أحد الضروريات الخمس التي جاءت بها الشريعة، تأكيدًا على قيمة الإنسان وصحته الجسدية والنفسية.


ثانيًا: الصحة في ضوء السنة النبوية

قال النبي ﷺ:

"نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ"

(رواه البخاري)

أي أن كثيرًا من الناس لا يقدّرون هاتين النعمتين إلا بعد فوات الأوان.

وفي حديث آخر قال ﷺ:

"من أصبح منكم آمناً في سِرْبِه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا"

(رواه الترمذي)

فالعافية من أعظم ما يُنعم الله به على عبده، ومن اجتمعت له العافية والأمن والرزق فقد نال سعادة الدنيا.


ثالثًا: الإسلام يحث على الوقاية قبل العلاج

ديننا الحنيف ليس دين دعاء فقط، بل دعاء وعمل.

قال ﷺ:

"تَدَاوَوْا عبادَ اللهِ، فإنَّ اللهَ لم يضعْ داءً إلا وضع له دواء"

(رواه الترمذي)

وهذا الحديث يؤكد أن الإسلام يدعو إلى التداوي، والبحث عن العلاج، والحفاظ على الجسد من أسباب الهلاك.

بل إن الوضوء، والنظافة، والاعتدال في الطعام، والرياضة، كلها مظاهر وقائية دعا إليها الإسلام للحفاظ على الجسد والعقل.

 رابعًا: شكر نعمة الصحة والعافية

شكر العافية لا يكون بالكلام فقط، بل بالعمل والطاعة، قال تعالى:

"اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا" (سبأ: 13)

وشكر الصحة يكون:

  • باستخدامها في طاعة الله.
  • والبعد عن المعاصي التي تفسد القلب والجسد.
  • ومساعدة المرضى ورعايتهم.
  • والدعاء بالعافية للنفس وللناس.

خامسًا: من روائع الدعاء في طلب العافية

كان النبي ﷺ يكثر من الدعاء بالعافية، ومن ذلك قوله:

"اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة"

(رواه الترمذي)

وكان ﷺ يقول في دعائه اليومي:

"اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت."

وهذا يبين أن العافية ليست فقط في الجسد، بل في السمع والبصر والقلب والدين.

 سادسًا: كيف نحافظ على نعمة العافية؟

  • الاعتدال في الطعام والشراب قال تعالى:"وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا" (الأعراف: 31).
  • الرياضة والحركة المنتظمة.
  • النوم الكافي والراحة النفسية.
  • البعد عن التدخين والمخدرات وكل ما يضر الجسد.
  • الصبر عند المرض والرضا بالقضاء، فهو من أعظم أسباب الشفاء الروحي.

خاتمة

الصحة والعافية نعمة عظيمة يغفل عنها كثير من الناس حتى تُسلب منهم.

فحافظ عليها بشكر الله وطاعته، وكن عبدًا شاكرًا لا كافرًا بالنعمة.

وإذا ابتُليت بمرض، فاعلم أن الله أراد بك خيرًا، وأن في الصبر على البلاء رفعة للدرجات وتكفيرًا للسيئات.

"وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ" — آية تختصر كل الأمل والإيمان بأن الشفاء والعافية بيد الله وحده.


الاثنين، 6 أكتوبر 2025

تأملات في الآية: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ"

 في زحمة الحياة وضغوطها، قد يغفل الإنسان عن تأمل بسيط لكنه عميق:

ما سر دوام النعم؟ ولماذا تختفي أحيانًا فجأة؟

يأتي الجواب الرباني واضحًا وجازمًا في آية من أعظم آيات القرآن:

﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾

(سورة إبراهيم: 7)

📖 تفسير مختصر للآية:

﴿تَأَذَّنَ﴾: أي أعلن وأقسم ربكم.

﴿شَكَرْتُمْ﴾: اعترفتم بالنعم، وأثنيتم على الله بها، واستخدمتموها في طاعته.

﴿لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾: وعد رباني بالزيادة، سواء في المال، الصحة، الراحة، التوفيق، أو البركة.


🌿 التأمل الأول: الشكر عبادة قلب ولسان وجوارح

الشكر ليس فقط قول "الحمد لله"، بل هو موقف كامل:

  • بالقلب: الاعتراف بأن النعمة من الله وحده.
  • باللسان: الثناء والحمد.
  • بالعمل: استخدام النعمة في الطاعة، لا في المعصية.

قال الله تعالى:

﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ (سبأ: 13)

فربط الشكر بالعمل، لا بالكلام فقط.

🌟 التأمل الثاني: الشكر سبب مباشر لزيادة النعمة

كثيرًا ما نبحث عن أسباب زيادة الرزق أو بركة الوقت،

والآية تخبرنا بأوضح صورة: الشكر = زيادة.

سواء:

مالك قليل؟ احمد الله.

صحتك تتحسن؟ اشكر الله.

وقتك مبارك رغم انشغالك؟ هذا من الشكر.

🕯 التأمل الثالث: الشكر يرفع البلاء ويجلب الرضا

النبي ﷺ كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه،

فلما سُئل عن ذلك، قال:

"أفلا أكون عبدًا شكورًا؟" (رواه البخاري ومسلم)

فالعبودية الكاملة تبدأ بالشكر، لا بالاستهلاك المستمر للنعم دون تفكر.

📜 من أقوال السلف عن الشكر:

الحسن البصري: "إن الله ينعِم على الناس، فإذا لم يشكروه، قلبها عذابًا".

عمر بن عبد العزيز: "قيّدوا النعم بالشكر".

💡 كيف أكون من الشاكرين؟ (خطوات عملية)

  • توقف كل يوم لحظة وتأمل في نعمة واحدة لديك.
  • قل "الحمد لله" بيقين… لا عادة.
  • استخدم نعمك في نفع الناس وطاعة الله.
  • لا تقارن ما عندك بما عند غيرك، بل انظر لمن هو أقل.

 خاتمة:

الشكر مفتاحٌ ذهبي لكل أبواب الخير.

من أراد بركةً دائمة، وسعادة مستمرة، فلْيبدأ بالشكر.

فالله وعد، والله لا يُخلف وعده:

﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾

فهل نكون من الشاكرين حقًا؟ 💛


الاثنين، 29 سبتمبر 2025

"وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا": تأملات في بحر النعم الإلهية

مقدمة

يذكّرنا القرآن الكريم دائمًا بفضل الله تعالى وواسع عطائه، ومن أبرز الآيات التي تجسد هذا المعنى قوله تعالى:
{وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
آية قصيرة في ألفاظها، لكنها عظيمة في معانيها؛ فهي تفتح أمام الإنسان أبواب التأمل في عظمة المنعم سبحانه، وتدعوه إلى شكر النعمة، والتواضع أمام خالقه.


معنى الآية الكريمة

المقصود بـ"نعمة الله": كل ما أنعم الله به على عباده من نعم الدين والدنيا.

"لا تحصوها": أي مهما حاولتم إحصاءها وحصرها فلن تقدروا؛ لأنها لا تُعد ولا تُحد.

ختم الآية بـ"إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ": تذكير أن الله يغفر تقصيرنا في شكر نعمه، ويرحم ضعفنا.

 أنواع نعم الله على الإنسان

نِعَم ظاهرة

مثل: الصحة، الرزق، الأولاد، المأكل والمشرب، الأمن، العلم، السكن.

نِعَم باطنة

مثل: نعمة الإيمان، الطمأنينة، السكينة، التوفيق لفعل الخير، ستر الذنوب، الهداية.

نِعَم متجددة

مثل: تنفسك كل يوم، نبض قلبك، تجدد خلايا جسدك، شروق الشمس، نزول المطر.

دروس مستفادة من الآية

الاعتراف بالعجز البشري: الإنسان مهما بلغ من العلم والحساب لا يستطيع إحصاء نعم الله.
ضرورة شكر النعمة: الشكر يزيد النعم، كما قال تعالى: "لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ".
التواضع أمام الخالق: هذه النعم ليست بقدرتنا، بل محض فضل من الله.
التفاؤل والرضا: إدراك كثرة النعم يعين المسلم على الصبر في المصائب، إذ يرى أن ما لديه أعظم بكثير مما فقده.

كيف نشكر نعم الله عمليًا؟

بالقلب: أن يستحضر العبد فضل الله ويعترف به.
باللسان: كثرة الحمد والثناء، والدعاء مثل "الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة".
بالعمل: استعمال النعمة فيما يرضي الله، كاستخدام المال في الصدقة، والصحة في الطاعة، والعلم في النفع.

أمثلة من حياة النبي ﷺ في شكر النعمة

  • كان ﷺ يقوم الليل حتى تتورم قدماه، فلما سُئل: "لم تصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟" قال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا؟".
  • كان يحمد الله في كل حال، حتى عند تناول الطعام أو شرب الماء أو لبس الثوب.

خاتمة

آية "وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا" تضعنا أمام حقيقة ثابتة: أننا غارقون في بحر من نعم الله التي لا تنتهي. فليكن لساننا رطبًا بالشكر، وقلوبنا عامرة بالاعتراف بفضل الله، وأعمالنا شاهدة على استعمال النعم في طاعته.


الجمعة، 26 سبتمبر 2025

فلما استحكمت حلقاتها فرجت

مقدمة

تمر بالإنسان في حياته لحظات ضيق وشدة، يظن معها أن أبواب الفرج قد أُغلقت، وأن لا مخرج من البلاء. لكن المؤمن يتذكر دائمًا أن الشدة لا تدوم، وأن مع العسر يسرا، كما وعد الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا • إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ (الشرح: 5-6). وقد عبّر العرب عن هذه الحقيقة بقولهم: «فلما استحكمت حلقاتها فرجت»، أي إذا اشتد الكرب وبلغ غايته، جاء الفرج من عند الله.


المعنى العام للعبارة

تصوّر العبارة الشدة كأنها سلسلة حلقات متشابكة، تزداد إحكامًا وتعقيدًا حتى يُخيَّل للمرء أنه لا فكاك منها. لكن ما إن يبلغ الضيق غايته، إلا ويفك الله عقدتها ويفتح بابًا للنجاة. فهي دعوة للتفاؤل وعدم اليأس مهما تعقدت الأمور.

شواهد من القرآن والسنة

في القرآن: قصة يوسف عليه السلام، إذ اشتد به البلاء حتى بيع عبدًا وسُجن ظلمًا، ثم جاء الفرج وأصبح عزيز مصر.

في السنة: قال النبي ﷺ: «واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا» (رواه أحمد).


دروس مستفادة

الثقة بالله: مهما ضاقت الحال، فباب السماء مفتوح لمن لجأ إلى الله.

الصبر مفتاح الفرج: الصبر على البلاء يقود إلى مخرج كريم.

اليأس ممنوع: فاليأس ينافي التوكل على الله، والمؤمن لا يقنط من رحمة ربه.

الفرج قد يكون قريبًا: أحيانًا يأتي الحل فجأة من حيث لا يحتسب المرء.


أمثلة واقعية

كم من مريض ظن أنه لا شفاء له، فإذا بالدواء يُكتشف ويعود صحيحًا.

وكم من إنسان ضاقت به المعيشة، فإذا برزق الله يأتيه من طريق لم يتوقعه.

وكم من أمة مرت بظروف عصيبة، ثم تبدلت الحال إلى عز ونصر.


خاتمة

إن قولهم: «فلما استحكمت حلقاتها فرجت» يذكّرنا بأن الضيق مهما اشتد فهو إلى زوال، وأن فرج الله أقرب مما نتخيل. فلنثبت على الصبر والدعاء، ولنتفاءل بوعد الله، فما بعد الشدة إلا الفرج، وما بعد العسر إلا اليسر.

الخميس، 21 أغسطس 2025

تفسير لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾
سورة البقرة: 286]


التفسير الميسر 

دين الله يسر لا مشقة فيه، فلا يطلب الله مِن عباده ما لا يطيقونه، فمن فعل خيرًا نال خيرًا، ومن فعل شرّاً نال شرّاً. ربنا لا تعاقبنا إن نسينا شيئًا مما افترضته علينا، أو أخطأنا في فِعْل شيء نهيتنا عن فعله، ربَّنا ولا تكلفنا من الأعمال الشاقة ما كلفته مَن قبلنا من العصاة عقوبة لهم، ربنا ولا تُحَمِّلْنَا ما لا نستطيعه من التكاليف والمصائب، وامح ذنوبنا، واستر عيوبنا، وأحسن إلينا، أنت مالك أمرنا ومدبره، فانصرنا على مَن جحدوا دينك وأنكروا وحدانيتك، وكذَّبوا نبيك محمدًا صلى الله عليه وسلم، واجعل العاقبة لنا عليهم في الدنيا والآخرة.



السبت، 9 أغسطس 2025

الشباب المسلم بين العلم والعمل: طريق النهضة والتمكين

مقدمة

في زمن تتسارع فيه التحديات وتتغير فيه ملامح الحياة بسرعة، يظل الشباب المسلم حجر الأساس في نهضة الأمة وعماد مستقبلها. ولا يمكن أن تتحقق النهضة إلا إذا اجتمع في الشباب العلم النافع والعمل الجاد، إذ لا قيمة للعلم بلا عمل، ولا للعمل بلا علم يرشد خطاه.



أولاً: مكانة العلم في الإسلام

العلم هو النور الذي يهدي العقول، وقد رفع الله مكانة العلماء وفضّلهم على الجاهلين، فقال سبحانه:

﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 9]


كما كانت أول آية نزلت على قلب النبي ﷺ تحث على القراءة والتعلم:

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1]


وقال رسول الله ﷺ:

"من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة" (رواه مسلم)


ثانيًا: قيمة العمل في حياة المسلم

العمل في الإسلام عبادة إذا صلحت النية، وهو دليل على قوة الإيمان وعمارة الأرض. قال الله تعالى:

﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: 105]


وقال النبي ﷺ:

"ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده" (رواه البخاري)


ثالثًا: الدمج بين العلم والعمل

الشباب المسلم اليوم مدعو إلى الجمع بين التعلم المستمر واكتساب المهارات، وبين تطبيق ما تعلمه في ميادين العمل والإبداع. فالعلم بلا تطبيق يظل حبرًا على ورق، والعمل بلا علم قد يفتقر إلى الإتقان والتوجيه.


رابعًا: نماذج مضيئة

الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه، تعلم العبرية في وقت قصير لخدمة الإسلام.


عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، جمع بين العلم الغزير والنصيحة والعمل الدعوي.


خاتمة

أيها الشباب، أنتم أمل الأمة ومستقبلها، فاجعلوا حياتكم رحلة متواصلة من التعلم والعمل، وكونوا قدوة في الجد والإبداع، ولا تنسوا أن كل خطوة في طريق العلم والعمل هي عبادة تقربكم إلى الله وتبني مجد أمتكم.




الاثنين، 28 يوليو 2025

أسرع إلى الله

 يا ابن آدم!



إنما الدنيا ظلّ زائل، وضيف راحل، وأنفاسك فيها معدودة، وكل نفسٍ يخرج لا يعود.

أفلا تنظر إلى الليالي كيف تَهدم الأعمار، وإلى الأيام كيف تسرق الأجسام؟

فاعمر قلبك بذكر الله، وطيّب سرّك بخوف الله، فما ندمت نفسٌ استقامت، ولا خاب قلبٌ أخلص.

واعلم أنّ الغفلة تزرع الندم، وأنّ ساعة يقظة خيرٌ من دهرٍ في سبات.

فاستكثر من الزاد قبل الرحيل، فما أقربَ السفر، وما أقلَّ الرفيق، وما أثقلَ الحمل على من قلّ عمله.

فالبدارَ البدارَ قبل أن يُقال: انقضى الأجل، وانقطع العمل، وحيل بينك وبين ما تشتهي!

الاثنين، 9 أكتوبر 2023

أول ما يحدث للأنسان إذا وُضع في قبره



عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: 

إنَّ العَبْدَ إذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ وتَوَلَّى عنْه أصْحَابُهُ، وإنَّه لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أتَاهُ مَلَكَانِ فيُقْعِدَانِهِ، فَيَقُولَانِ: ما كُنْتَ تَقُولُ في هذا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأمَّا المُؤْمِنُ، فيَقولُ: أشْهَدُ أنَّه عبدُ اللَّهِ ورَسولُهُ، فيُقَالُ له: انْظُرْ إلى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ قدْ أبْدَلَكَ اللَّهُ به مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ، فَيَرَاهُما جَمِيعًا - قالَ قَتَادَةُ: وذُكِرَ لَنَا: أنَّه يُفْسَحُ له في قَبْرِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلى حَديثِ أنَسٍ - قالَ: وأَمَّا المُنَافِقُ والكَافِرُ فيُقَالُ له: ما كُنْتَ تَقُولُ في هذا الرَّجُلِ؟ فيَقولُ: لا أدْرِي كُنْتُ أقُولُ ما يقولُ النَّاسُ، فيُقَالُ: لا دَرَيْتَ ولَا تَلَيْتَ، ويُضْرَبُ بمَطَارِقَ مِن حَدِيدٍ ضَرْبَةً، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَن يَلِيهِ غيرَ الثَّقَلَيْنِ.

صحيح البخاري


شرح الحديث:

القبْرُ هو أوَّلُ منازِلِ الآخِرةِ، والعذابُ والنَّعيمُ فيه حقٌّ، وهو إمَّا رَوضةٌ مِن رِياضِ الجنَّةِ، أو حُفرةٌ مِن حُفَرِ النَّارِ، أعاذَنا اللهُ منها.

وفي هذا الحديثِ يُخبُر صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما يَتعرَّضُ له الإنسانُ عندَ موتِه ووضْعِه في قَبرِه؛ مِن أنَّه يَسمعُ قَرْعَ نِعالِ مَن أتى لِدفنِه، فيَسمَعُ صَوتَ أرجُلِهم وهم مُنصرِفون، فإذا انصَرفوا جاءَه مَلَكانِ فيُقْعِدانِه فيَسألانِه: ما كنتَ تقولُ في هذا الرَّجُلِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فإذا كان مؤمنًا يقولُ: أَشهدُ أنَّه عبدُ اللهِ ورسولُه، فيُقالُ له: انظُرْ إلى مَقعدِكَ مِنَ النَّارِ، الَّذي كان مُعَدًّا لك في جهنَّمَ لو لم تكُنْ مؤمنًا، أبدَلَك اللهُ به مَقعدًا في الجنَّةِ، فَيَرى كِلا المَقعدَينِ.

فإنْ كان المَيتُ كافرًا أو مُنافقًا فإنَّه لا يتمكَّنُ مِن الإجابةِ عن سُؤالِ الملَكَينِ، فيَقولُ: لا أدري! كنتُ أقولُ ما يقولُ النَّاسُ! فيُقالُ له: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، وهو دُعاءٌ عليه، ومعناه: لا كنتَ دَاريًا ولا تاليًا؛ فلا تُوفَّقُ في هذا الموقِفِ، ولا تَنتفعُ بما كنتَ تسمعُ أو تقرأُ، ثُمَّ يُضرَبُ بِمِطْرَقةٍ مِن حَديدٍ ضرْبةً بيْنَ أُذُنَيْه، فَيصيحُ صَيْحةً يَسمعُه مَن يكونُ قريبًا منه مِن الخلائقِ إلَّا الثَّقَلَينِ، وهُما الإنسُ والجنُّ؛ فإنَّ السَّمعَ مَحجوبٌ عنهما؛ وذلك رحمةً بهم، وإبقاءً على حياتِهم؛ لأنَّهم لو سَمِعوها لصَعِقوا، وسُمُّوا الثَّقلَينِ لثقلِهم على الأرضِ،

فاللَّهمَّ قِنَا فِتنةَ القبرِ وعذابَه بِمَنِّك وفضْلِك يا أرحمَ الرَّاحِمِينَ.

وفي الحديثِ: إثباتُ سؤالِ الملَكينِ للمَيتِ في القبرِ.

وفيه: إثباتُ عذابِ القبرِ.

قصة الأقرع والأبرص والأعمى وابتلاء الله لهم


كان ثَلاثَة رِجالٍ مِن بَني إسْرائيلَ وقدْ كان كُلُّ واحِدٍ مِن هؤُلاءِ الثَّلاثةِ مُصَابًا بِعَاهةٍ في جَسدِهِ؛ فأحَدُهم أَبْرَصُ، والثَّاني أَقْرَعُ، والثَّالثُ أَعْمَى، فأرادَ اللهُ أنْ يَمُنَّ عليهم بالسَّلامةِ مِن عاهاتِهِم، وبالغِنَى بعْد فَقْرِهِم اختبارًا لهم؛ لِيُجَازيَ مَن شَكَرَ النِّعمةَ بِزيادَتِها، ومَن كَفَرَها بزَوالِها عنه.

فأمَّا الأوَّلُ: فهو رَجُلٌ أبْرَصُ، وهو الَّذي ابْيَضَّ جزء من جِلْد جَسَدِهِ، بَعَثَ اللهُ إليهِ المَلَكَ في صُورةِ إنسانٍ، فقال له: أيُّ شَيءٍ أحبُّ إليكَ؟ قال: لَونٌ حَسَنٌ، وجِلْدٌ حَسَنٌ، فتَمنَّى أنْ يَعودَ إلى جِسْمِهِ لَونُهُ الصَّافي الجَميلُ وبَشَرَتُهُ النَّقِيَّةُ السَّليمَةُ، وعلَّلَ ذلك بقولِه: «قدْ قَذِرَني النَّاسُ»، أي: اشْمَأزُّوا مِنِّي وكَرِهوني، فمَسَحَهُ المَلَكُ بيَدِه، فَزالَ عنه داءُ البَرَصِ، وأصبَحَ نَقِيَّ اللَّونِ والبَشَرَةِ، ثمَّ سَأَلَه الملَكُ عنْ أحَبِّ المالِ إليهِ، فقال: الإبِلُ  «فأُعْطِيَ ناقةً عُشَرَاءَ»، وهي الحاملُ التي أتَى عليها في حمْلِها عشَرةُ أشهُرٍ، وهي مِن أنفَسِ الإبلِ، ودَعا له بأنْ يُبارِكَ اللهُ له فيها، فتَتكاثَرَ ويَزدادَ خَيرُها، ويَعظُمَ نَفْعُها.

وأمَّا الثَّاني: فهو رَجُلٌ أقْرَعُ ذهَبَ شَعرُ رَأسِه، جاءهُ المَلَكُ في صُورةِ إنسانٍ، فسَأَلَه كما سَأَلَ صاحِبَهُ الأوَّلَ: أيُّ شَيْءٍ أحبُّ إليكَ؟ فتَمنَّى أنْ يَعودَ إليهِ شَعرُ رأسِهِ في جَمالِه، وأنْ يُذهِبَ اللهُ عنه القَرَعَ، وعلَّل ذلك بقَولِه: «قدْ قَذِرَني النَّاسُ»، أي: اشْمَأزُّوا مِنِّي وكَرِهوني. فَمسَحَهُ الملَكُ بيَدِه، فذَهَبَ ما به، وأُعْطِيَ شَعرًا حَسَنًا. ثمَّ سأَلَه الملَكُ عن أحبِّ أصنافِ المالِ إليه، فقال: البقرُ، فَأُعْطِيَ بَقرةً حامِلًا، ودَعا له بأنْ يُبارِكَ اللهُ له فيها، فتَتكاثَرَ ويَزدادَ خَيرُها، ويَعظُمَ نَفْعُها.

وأمَّا الرَّجُلُ الثَّالِثُ: فهو رَجُلٌ أعْمَى، فجاءهُ المَلَكُ على صُورةِ إنسانٍ، فسَأَلَه عنْ أحبِّ شَيءٍ إليه، فقال: أنْ يَعودَ إليَّ بَصَري، فَمسَحَهُ المَلَكُ بيَدِه، فرَدَّ اللهُ إليه بَصَرَه. ثمَّ سَأَله عن أحبِّ أصنافِ المالِ إليه، فقال: الغَنَمُ، فَأعطاهُ شاةً والِدًا، أي: ذاتَ وَلَدٍ، ويُقالُ: حامِلٌ.

وقدْ بارَكَ اللهُ تعالَى لهَؤلاءِ الثَّلاثةِ فكان للأوَّلِ مِلْءُ وادٍ مِن إبِلٍ، وللثَّاني مِلْءُ وادٍ منْ بَقَرٍ، وللثَّالثِ مِلْءُ وادٍ مِن غَنَمٍ.

ثمَّ جاء الاختبارُ، فأرسَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ الملَكَ للأبرَصِ الَّذي مَسَحَه مِن قبْلُ فذَهَبَ بَرَصُه، في صُورةِ رجُلٍ أبرَصَ فَقيرٍ، فقال للأبرَصِ مُمتحِنًا له بعْدَ أنْ مَنَّ اللهُ عليه بدَوامِ الشِّفاءِ والغِنى: أنا رَجُلٌ مِسْكِينٌ، تَقطَّعَتْ بيَ الحِبالُ، أي: حِبالُ الآمالِ، وسُدَّتْ أمامي أبوابُ المَعِيشةِ وأسبابُ الرِّزْقِ، فلا بَلاغَ اليومَ إلَّا بالله ثُمَّ بكَ، أي: فلا أحدَ يُعِينُني على تَفريجِ كُرْبَتي إلَّا اللهُ، ثُمَّ أنتَ، أسْألُكَ مُقسِمًا عليك، أو مُتوسِّلًا إليك بالَّذي أعطاكَ اللَّوْنَ الحَسَنَ والجِلْدَ الحَسَنَ والمالَ؛ أنْ تُعطِيَني بَعِيرًا «أتَبَلَّغُ به»، أي: يُوَصِلُني إلى بَلَدي. فرَفَضَ وأخْبَرَه أنَّ النَّفقاتِ الَّتي يَلتزِمُ بها كَثيرةٌ، فقال له الملَكُ: إنِّي أعرِفُك؛ ألمْ تَكُنْ أبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ، فَقيرًا لا مالَ عندك، فأعْطاكَ اللهُ الصِّحَّةَ والمالَ؟ فكذَبَ وجَحَدَ نِعمةَ اللهِ عليه، وقال: لقدْ وَرِثْتُ لِكابِرٍ عن كابِرٍ، أي: وَرِثْتُ هذا الغِنى والعِزَّ والشَّرفَ أبًا عن جَدٍّ، حالَ كَونِ كلِّ واحدٍ منهم كَبيرًا، وَرِثَ عن كَبيرٍ. فقال له الملَكُ: إنْ كُنْتَ كاذِبًا فَصَيَّركَ اللهُ إلى ما كُنْتَ عليه مِن داءِ البَرَصِ والفَقْرِ.

وجاء الملَكُ إلى الرَّجلِ الأقْرَعِ في صُورةِ رجُلٍ أقرَعَ فَقيرٍ، ودارَ بيْنهما مِثلُ ما دارَ بيْن الملَكِ والأبْرَصِ.

وجاء الملَكُ إلى الرَّجلِ الأعْمى في صُورةِ رجُلٍ أعْمى فَقيرٍ، فقال له المَلَكُ مِثْلَ ما قال لِصاحِبَيه الأبرَصِ والأقرَعِ، ولَكنَّ الأعْمى لمْ يَكُنْ مِثلَ صاحِبَيْهِ كافِرًا بالنِّعمةِ، حيث أقَرَّ بنِعمةِ اللهِ تعالَى عليه، ولم يَبخَلْ بها، فقال: قدْ كُنْتُ أعْمى فرَدَّ اللهُ إلَيَّ بَصَري، وفَقيرًا فأغْناني، فَخُذْ ما شِئْتَ مِن المالِ، فَوَاللهِ لا أجْهَدُكَ اليومَ بشَيءٍ، أي: لا أشُقُّ عليكَ بِرَدِّ شَيءٍ تَطلُبهُ مِنِّي، فقال له الملَكُ: أمْسِكْ عليك مالَكَ؛ فإنَّما ابتُليتُم وامْتُحِنْتُمْ، وقدْ رَضِيَ اللهُ عنكَ؛ لأنَّكَ شَكَرْتَ نِعمةَ اللهِ وأدَّيْتَ حَقَّها عليكَ، وسَخِطَ على صاحِبَيْكَ؛ لأنَّهما كَفَرا بِنعمةِ اللهِ سُبحانَه.

وفي القصة: التَّحذيرُ مِن كُفْرانِ النِّعَمِ.

وفيها: الحثُّ على الصَّدقةِ، والرِّفْقِ بالضُّعفاءِ، ومَدِّ يَدِ المَعونةِ لهم.

وفيها: أنَّ على الإنسانِ أنْ يَذكُرَ إذا صار في نِعمةٍ ما كان عليه سابِقًا مِن فَقْرٍ أو مَرَضٍ أو عاهَةٍ؛ لأنَّ ذلكَ يَدْفَعُه لمَزيدِ الشُّكرِ والامْتِنانِ.

وفيها: الزَّجْرُ عنِ البُخْلِ، والتَّحذيرُ مِن عَواقِبِه السَّيِّئةِ.

وفيها: أنَّ الصَّبرَ على البَلاءِ قدْ يَكونُ خَيرًا للمُبْتَلى مِن زَوالِهِ.

السبت، 23 سبتمبر 2023

كيف تخشع في صلاتك بخطوات بسيطة




* استحضر عظمة الله عز وجل عندما تقف لتصلي بين يديه.

الله خالق الكون العظيم بكل ما فيه من كواكب ونجوم ومجرات وكائنات ومالا تدركه أبصارنا. ما نحن إلا ذرة في هذا الكون الفسيح أو أقل .. ما قدرنا الله حق قدره وما عبدناه حق عبادته.


*استشعر انها ربما تكون آخر صلاة في حياتك فكيف تريدها أن تكون ؟

*اتخذ ساترا وأغلق كل ما يشتت انتباهك في الصلاة من تلفاز أو راديو أو غير ذلك .

*تذكر أن كل شئ في الحياة بيد من وقفت أمامه فلا تفكر في أمور الدنيا .

*عندما تقول الله أكبر استشعر معناها فالله أكبر من كل شئ ومن أي شئ .

*استعذ بالله من الشيطان ليبعده عنك في صلاتك ويحفظك من شره .

* اقرأ القرآن بصوت مسموع لك حتى تنتبه لما تقول وركز في معاني الآيات .

* اقرأ سور جديدة في كل مرة حتى لا تكرر القديم وأنت غير منتبه .

تخيل لو حفظت كل يوم آيتين من القرآن وصليت بهما جميع صواتك في اليوم فستكون حققت هدفين من أعظم ما يكون " حفظ القرآن والخشوع في الصلاة ".


*عندما يؤذن المؤذن قم فورا للوضوء واذهب للصلاة حتى لا تتكاسل عنها فكلما مر الوقت كلما ألهاك الشيطان .

* لتتعود الحفاظ على السنن وحتى لا تكون ثقيلة عليك ابدأ بركعتين مع كل صلاة والزم نفسك بها حتى تتعود.

*بعد الانتهاء من الصلاة اجلس دقيقيتن في مكانك وسبح 33 مرة وكبر 33 مرة واحمد الله 33 مرة وقل لا إله إلا الله مرة واحدة .

.. 

هيا من الآن جرب الخطوات ولا تنس عمل مشاركة لأصدقائك ليستفيد الجميع والدال على الخير فاعله ..

علامات موت القلب

 علامات موت القلب ...


الذنب على الذنب يميت القلب.

و لهذا لما قيل لسعيد بن المسيب: إن عبد الملك بن مروان قال: قد صرت لا أفرح بالحسنة أعملها و لا أحزن على السيئة أرتكبها،

 قال : الآن موت قلبه.

و ليست هذه علامة موت القلب الوحيدة، بل هناك علامات أخرى منها:


* الفرح بالذنب و المجاهرة به.

* البشاشة للقاء أهل المعاصي.

* الانقباض لرؤية أهل الطاعة.

* الإصرار على الذنب دون التعجيل بالتوبة.

* عدم الحزن على فوات الطاعة.

* عدم إنكار المنكر باليد أو باللسان أو بالقلب.


اللهم أحيي قلوبنا بطاعتك يا الله

حديث اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك

أدعية النبي 



 
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه
 أن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قال: 
اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ.
 المصدر : صحيح مسلم

شرح الحديث:
كان مِن دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الاستِعاذةُ مِن ذَهابِ نِعَمِه سُبحانَه وتَعالَى الدِّينِيَّةِ والدُّنيَويَّةِ النَّافعةِ في الأُمورِ الأُخْرويَّةِ، والاستِعاذَةُ مِن زَوالِ النِّعمِ تَتَضَمَّنُ الحِفْظَ عَنِ الوُقوعِ في المعاصي؛ لأَنَّها تُزيلُها.
ثُمَّ استعاذ من تَحَوُّلِ العافِيَةِ، وأعوذُ بك مِنْ تَبَدُّلِ ما رَزَقْتَني مِنَ العافِيَةِ إلى البَلاءِ، فكأنَّه سَألَ دَوامَ العافيةِ، وهي السَّلامةُ مِن الآلامِ والأسْقامِ، ثمَّ استعاذَ مِن فُجاءَةِ النِّقمَةِ مِن بَلاءٍ أو مُصيبَةٍ، فالنِّقْمَةُ إذا جاءَتْ فَجأَةً وبَغتةً، لم يَكُنْ هُناكَ زَمانٌ يُستَدْرَكُ فيه، وكان المُصابُ بها أعظَمَ.
وقَولُه: «وجَميعِ سَخَطِكَ» أي: ألْتَجِئُ وأعتَصِمُ بكَ أنْ تُعيذَني مِن جَميعِ الأسبابِ الموجِبةِ لغَضَبِك جَلَّ شأنُكَ؛ فإنَّ مَن سَخِطْتَ عليه فقدْ خابَ وخَسِرَ.